الحرب النفسية
تتعدد الأدوات المستخدمة في الحروب والمعارك منذ قديم الأزل ، ويعتقد الإنسان أن تطور الأسلحة والمعدات الحربية هي التي تحسم المعارك فقط ، لكن الحقيقه ان هناك أسلحة اخري غير مادية حسمت العديد من الحروب
وغيرت موازين الحرب وقلبتها رأساً على عقب إنها الحرب النفسية .لكن الحقيقة أنه ليس من السهل وضع تعريفاً محدداً لها أو تحديد مجالات استخدام الحرب النفسية رغم المفاهيم العدية والمتغيرة التي شملت مجال الحرب النفسية .
"إن ليس قمة التميز أن تهزم الخصم في مائة معركة ، ولكن قمة التميز هي أن تهزم الخصم بلا معركة" _ سون تزو
الحرب النفسية خارج إطار المُحاكمة الدولية
تيقنت العديد من الدول أن قيام حرباً مع دولة أخري بدون وجه حق بهدف الإستيلاء علي ثرواتها سوف يُعرض الدولة المعتدية إلي المُسائلة القانونية والمُحاكمة الدولية ، لذلك اتجهت تلك الدول إلي الطريقة غير المُستهدفة قانونياً لخوض الحروب ، لكن تلك الحرب سوف تكون من الداخل وليس من خلال الحدود وذلك لإبعاد الشُبوهات عن نفسها بدلاً من استخدام الأسلحة دون جدوي وتعرضها إلي المُسائلة القانونية .
أشهر الأمثلة التاريخية التي استخدمت فيها الحرب النفسية
فالحرب النفسية حتي وإن لم تستخدم الأسلحة العسكرية لكن تأثيرها في انتصار المعارك وهزيمة الخصم كان له العديد من الأمثلة التي ذكرها التاريخ .
صافرة الموت
صافرة الموت هي صافرة كانت علي شكل جمجمة الرأس ، حيث فسرها المؤرخين بأنها تُخرج صوتاً وكأنه يوجد بها مائة شخص يصرخ ، حيث كان يتم استخدامها في الحروب قديماً لبث الرعب والخوف في قلب العدو .
حرب المعتقدات
يُعد المثال الأشهر لتلك الحيلة النفسية الحرب التي قامت بين الفرس والمصريين القدماء في عهد قمبيز وبسماتيك الثالث ، حيث كانت القطط من المقدسات لدي المصريين القدماء ، فكان إذا حدث حريق وتواجدت قطة بمكان الحريق كانوا يقومون بإنقاذها حتي قبل إطفاء الحريق او إنقاذ الأشخاص المتواجدين بمكان الحريق .
فقام قمبيز بإستغلال ذلك وأمر الجنود المتواجدين في الجبهة برسم صورة القطط علي أذرعهم مع تواجد عدد من القطط في المعركة ، وكانت تلك الحيلة النفسية التي استخدمها الفرس هي السبب الأول في انتصارهم علي المصريين القدماء ، فخشي المصريين القدماء أن تحل عليهم اللعنه وينهزموا إذ حاربوا الفرس بتواجد رسومات تلك القطط .
الجيش الانتحاري
لن تجد أصعب من أن تحارب شخصاً ليس باقياً علي حياته ، حيث وضح لنا المؤرخين أن هناك جيوش أُطلق عليها الجيوش الانتحاري ، فكان قائد الجيش يضع في جبهة الجيش مَن هم محكوم عليهم بالموت حيث كانوا يتقدمون امام العدو ويقومون بقتل أنفسهم أمامه حتي يروعون قلبه ويرسلون له رسالة أنهم ليسوا خائفين وأن حياتهم هينة فيقف الخصم في ذهول يجعل الخوف يتملك من قلبه .
كيف تُستخدم الحرب النفسية حديثاً
تطورت الحروب النفسية بتطور التكنولوجيا فأصبحت حروب الجيل الرابع وحرب المعلومات هي الداعم الأول بالحروب النفسية . إن المقاييس والمعايير الحربية في الوقت الراهن تؤكد ان العالم السياسي والاقتصادي لن يستطيع تحمل حرباً كالحرب العالمية مثلاً لان هذا الفكر من المؤكد أنه سوف يسبب العديد من الخسائر حتي لدولة المنتصرة ، لكن الحرب النفسية هي حرب الإنتصار دون وجود أي خسائر .
"الحرب النفسية حرباً لا نار فيها ولا دماء"
فبدلاً من أن يقوم المعتدي بقتلك ومحاربتك مع وجود خسائر فمن الأسهل أن يغزو عقلك ويقتحم أفكارك دون أن تشعر ، ويجعلك تحارب نفسك وتحارب بلدك وجيشك ونزع إنتمائك لوطنك دون أن تشعر .
هل سألت نفسك في يوم كيف قامت العولمة بالتحكم في حياتنا ؟
فرض عليك العدو فكره وثقافته ، جعلك جندياً تُحارب من أجله ، تحكم في أفكارك وقام بغزو عقلك عن طريق هاتفك المحمول ، جعلك تتيقن أنه علي حق وليس معادياً لك أو لوطنك ، جعل الحرب الحقيقية تنشأ من الداخل لا الخارج لانه يعلم أن التفكك الداخلي والتطبيع والتسليم بأفكاره اسهل من محاربتك عسكرياً .
"اعطني إعلاماً بلا ضمير اعطيك شعباً بلا وعي" _ جوزيف جوبلز
إن الإعلام قادر على أن يبرئ المجرم ويجرم البرئ ، فكم من عملاً سينمائي جعل من يشاهده يتفاعل ويتعاطف مع البطل حتي وهو مخالف للشرع والقانون وإرتكاب كافة الجرائم بكافة أشكالها من سرقة ، قتل ، نصب ... إلخ
وإظهار البطل منتصراً في النهاية مع إرتكابه تلك الجرائم حتي يجعل عقلك يقتنع أنكك إذا قُمت بإرتكاب مثلها ستكون بطلاً ، وهذا هو الأمر الذي يريده العدو زعزعة الأمن والاستقرار والتخريب والفوضي ، (والعمل علي إنشاء بروباجندا تُشعل الرأي العام) حتي يستطيع التحكم في عقلك ويجعلك تحارب بل وتقضي علي نفسك بنفسك .
الوسائل المُستخدمة في الحرب النفسية
- الإشاعات والشائعات .
- البروباجندا وإشعال الرأي العام .
- إخفاء الحقائق وتزويرها .
- نشر الأكاذيب المفبركة .
- إحباطك وإقناعك بعدم وجود أمل .
- نشر الفوضي .
- التركيز علي الجانب السلبي دون النظر إلي الجوانب الإيجابية .
- العمل علي نزع روح الانتماء والولاء للوطن .
- التركيز على استخدام كافة أسلحة حروب الجيل الرابع .
- إرتكاب الجرائم إلارهابية التي تجعلك تشعر بعدم وجود الأمن والاستقرار داخل وطنك .
كيف نتصدي الحرب النفسية ؟
- عدم تصديق الشائعات والأكاذيب .
- تنوع المصادر مع التأكد من صحة تلك المصادر .
- نشر الحقائق والنوعية الإعلامية الصادقة داخل كل دولة .
- إنشاء برامج تلفزيونية لخبراء يوضحون للشعب خطورة الحرب النفسية ومدي تأثيرها علي المجتماعات إذا استجاب لها الشعب .
تعليقات
إرسال تعليق